اسيرة الاحزان
عدد المساهمات : 132 تاريخ التسجيل : 25/07/2009 العمر : 31 الموقع : الجزائر
| موضوع: الحزن ملك حياتي الجمعة سبتمبر 04, 2009 10:13 am | |
| لأول مرة يمر عيد ميلادي في هذا الجو الجنائزي الرهيب . كنت أتصفح المذكرة الصغيرة التي أدون عليها مواعدي كما أفعل صباح كل يوم ، وبالصدفة اكتشفت أن اليوم هو عيد ميلادي . لم يسبق لي أن نسيت أي مناسبة من مناسباتي الخاصة ، لكنني هذه المرة نسيت ، نسيت أن اليوم هو عيد ميلادي ، بسبب غمامة الحزن التي تخيم على قلبي منذ رحيلك الذي كان حتى من دون كلمة وداع مقتضبة .
كنت أيام حبنا كلما احتفلت بعيد ميلادي أنتعش بنفس جديد من الأمل ، وأقول مع نفسي بأن العيد القادم لن يأتي حتى يجمع القدر بيننا وسط قضبان قفص رقيق من الذهب .
كانت الأعياد تتوالى ، وتمر سنوات عمري بسرعة مجنونة ، يدفعها الأمل وتجرها السعادة مثل عربة ملكة الحب ، وبعد أعوام من العشق الصادق مرت كالبرق ، أجد نفسي وحيدة ، وكأن الزمن الذي كان يسير بجنون قد توقف فجأة وتعطلت عقاربه إلى الأبد .
أتأمل الأفق البعيد بعينين مغرورقتين بالدموع الحارقة ، وأقف كأي إنسانة بلا روح على هضبة السنة الثانية والعشرين من عمري وكأني تائهة وسط كثبان الرمال وسط الصحراء القاحلة ، حيث لا يوجد ماء ، وحيث الموت أقرب إلى الحياة.
ما أصعب أن تصير الحياة سوداوية بهذا الشكل المرعب .
أتعرف ؟ في عيد ميلادي الذي تلا لقاءنا الأول حيث وقعت في شباك غرامك قبل سنوات ، استطعت بفضل نشوة الحب أن أطفيء سبعة عشر شمعة بنفس واحد ، وفي كل أعياد ميلادي التي احتفلت بها قبل أن تهجريني يكون لدي ما يكفي من الأنفاس لإطفاء مليون شمعة دفعة واحدة .
اليوم مر عيد ميلادي كما يمر النعش المحمول على الأكتاف وهو في طريقه إلى مثواه الأخير ، كنت سأطفيء اثنتا وعشرين شمعة هذه السنة ، لكني لم أفعل ، لأن الأنفاس التي كان يدفعها الحب كي تتصاعد من أعماقي بقوة خارقة تلاشت ، وحلت محلها الآهات التي تحرق صدري ، ولا تستطيع إطفاء شمعة واحدة .
لم أطلب من الحلواني أن يصنع لي كعكة كالعادة ، وعندما ألتقيه لا شك أنه سيسألني إن كنت غيرته بحلواني آخر ، وعندما أجيبه بالنفي سيطرح علي مزيدا من الأسئلة ، لا أعرف بماذا سأجيبه حينذاك ، لا أريد أن أحكي له تفاصيل اللحظات الأخيرة من قصتنا التي انتهت ، لأنها مؤلمة ، ولأني لا أستطيع أن أحكي ما جرى لأحد ، فقد عاهدت نفسي وعاهدتك أن يبقى حبنا سرا بيننا ، وأن أظل صامتة مثل تمثال من حجر ، فكما عرفتك في صمت ، سيكون هجرانك لي أيضا في صمت .
أمي ترمقني كل صباح بعينين مشفقتين ، تقول لي بأن وزني يتناقص يوم بعد آخر ، لا شك أنها تعرف أنني حزينة رغم أني أدعي أمامها عكس ذلك ، لكنها تعود وتلح علي أن أكشف لها عن سر حزني ، وكي أطمئنها أرسم ابتسامة بلا معنى على فمي ، ثم أنصرف مسرعة قبل أن تخونني الدموع وأبكي أمامها . المسكينة لم تكن على علم بقصة حبنا الطويلة ، كان حلمي الكبير أن أقدم لها حبنا كأكبر مفاجأة في حياتها
كان ذلك حلما عظيما ، دام لسنوات طويلة ، وفي لحظة قاسية تبخر في السماء ، مثلما يتبخر الوميض الباهت الذي تخلفه الشمعة عندما تنطفيء وسط ظلمة الليالي السوداء .
أتعرف ؟ لقد أصبحت حياتي الآن سوادا على سواد
قلم الابداع | |
|